شفاء خادم الحرمين الشريفين
شفاء خادم الحرمين الشريفين.. (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)...
ما زال صداها يرن ّ في أذني وكأني أسمعها بالأمس، تلك الكلمات الإيمانية الصادقة التي ألقاها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز في مجلس الأمير سلطان بن عبدالعزيز "غفر الله لهما ورحمهما وجمعنا بهما في الجنة آمين" وذلك حين جاء الشيخ يزور الأمير ويسلم عليه بمناسبة عودة الأمير إلى الوطن بعد رحلة علاجية طويلة .
في تلك الليلة المشهودة تحدث سماحة الشيخ " رحمه الله " عن العديد من المعاني الشرعية العظيمة، وكان من أبرزها تأكيده أن من أعظم نعم الله عز وجل نعمة العافية في الأبدان والسلامة بعد المرض، وأن هذه النعمة تزداد قدراً ويعظم أثرها إذا كان المتعافي أحد ولاة الأمر الذين جمع الله بهم الشمل وأعلى بهم الدين واجتمعت عليهم القلوب واستشهد "رحمه الله" في هذا السياق بقول الله عز وجل (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) .
تذكرتُ هذه الكلمات الإيمانية التي خرجت من عالم رباني صادق ناصح، وأنا أرى والدنا خادم الحرمين الشريفين " حفظه الله وأمده بعافيته وتوفيقه " وهو يغادر المستشفى تبرق أسارير وجهه بابتسامة سرى بها الشفاء من جسده إلى قلوبنا الملهوفة لرؤيته بعد غياب أسأل الله أن يجعل عاقبته عافيةً وسلامة دائمة .
نعم .. إن شفاء وسلامة خادم الحرمين " حفظه الله " ليس شفاء قائد أو ملك فحسب ؛ بل هي عافية سرت في جسد الوطن بكل أجزائه وأفراده . فليس كل الملوك أو القادة يكونون رموزاً وطنية تجتمع حولهم قلوب شعوبهم، وليس كل من اعتلى عرش الأرض تُسلِمُ إليه القلوبُ قيادَها فيعتلي عروشَ القلوب .
وإذا كانت الحاجة قائمة أبداً إلى قائد يسوس شعبه بروح الأبوة ِ الحانية ؛ فإنها تكون أعظم وأشد بمقدار ما يحيط بالأوطان من مخاطر ويتربص بها من شرور .
وفي مثل هذه الظروف يزداد اليقين أن نعمة الله عز وجل علينا في هذه البلاد عظيمة، وفضله سبحانه واسع، بأن أسبغ على والدنا وقائدنا عبدالله بن عبدالعزيز " حفظه الله " العافية والسلامة، وأقرّ أعيننا برؤيته وهو في أحسن حال، فكان كالغيث للقلوب بعد أن أغاث الله الأرض بالمطر، ولله الفضل وحده فله الحمد سبحانه.
وإن مما يستحق التنويه والشكر من نعم الله عز وجل التي جاءت في تلافيف هذا الابتلاء، نعمةُ اجتماع الكلمة واتحاد الصف، وتآلف القلوب وتقارب المشاعر، بين أفراد الأسرة المالكة الكريمة، وفيما بينهم وبين أفراد الرعية، وذلك في اجتماعهم وتوافدهم اليومي للاطمئنان والسؤال عن صحة خادم الحرمين الشريفين .
فكانت رسالة تحمل ُ ما لا يوصف من المعاني والدلائل، أن هذا الوطن بخير، وأن مستقبله بإذن الله لا يقل ازدهاراً ولا خيراً عن حاضره . وما لم ترصده عدسات التصوير أعظم ُ دلالة مما رصدته من مشاعر الاهتمام والقلق وبعد ذلك الفرح والاستبشار في قلوب الناس وعيونهم.
وقد جاءت مشاعر المواطنين وردود أفعالهم بمناسبة شفاء الوالد القائد " حفظه الله " متنوعةً ممتلئة حباً وولاء، بصورة ٍ لم نكن نعهدها من قبل في أسلوب التعبير عن الفرح، حتى كان منهم العافي عن قاتل ولده فلذة كبده، تقرباً لله عز وجل أولاً، ثم ابتهاجاً وسروراً وشكراً لله على نعمة شفاء الملك الصالح .
وإن قلوب المواطنين وأمانيهم لتسأل الله عز وجل أن يطيل في عمره على طاعته، وأن يوفقه ويمده بعونه وعافيته، ليكمل قيادتنا نحو كل خير وصلاح وإصلاح .
وما نزال برحمة الله وفضله بخير ما دام فينا هذا التواد والحب المتبادل بين الراعي ورعيته، يدعو لهم ويدعون له، يحمل همهم ويحملون همّه، فالحمد لله على ما أولانا من نعم وأسبغ علينا من فضائل وأسأله سبحانه أن يديم على هذا الوطن خيره واستقراره وأمنه، وأن يحفظ القائد الوالد عبدالله بن عبدالعزيز وأن يشد ّ عضده بأخيه وولي عهده وبقية إخوانه وأن يجمع على الحب قلوبهم . والحمد لله أولاً وآخرا .