(التصنيع الوطنية) وصنائع المعروف أيضًا

مقال اسبوعي ينشر كل يوم أربعاء في جريدة الرياض

ليس أمراً معتاداً أن تُقدم إحدى المؤسسات أو الجهات الكبرى دعماً سخياً لعدد ٍ كبير ٍ من الجمعيات والهيئات والمبادرات الخيرية، ثم يقول مسؤولُ تلك المؤسسة لممثلي تلك الجمعيات التي حظيت بالدعم: (شكراً لكم أنتم) بدل أن يبادروه هم بالشكر والدعاء كما هي العادة والأصل.

كما ليس أمراً عادياً أن تبحث الجهة الداعمة ُ بدقة ٍ وجدية ٍ عن الأعمال الخيرية لتُقدّم لها الدعم السخي، دون أن تنتظر هي من تلك الجمعيات أن تتزاحم على بابها، وتقف في صفّ الانتظار لمحاولة إقناعها بتقديم الدعم لها.

إن هذا وأكثر منه هو ما شهدتُه حين تشرفتُ بالمشاركة - ممثلاً لجمعية الإعاقة الحركية للكبار- في الحفل الذي نظّمته شركة التصنيع الوطنية، ودعتْ إليه الكثير من ممثلي الجمعيات والمبادرات والمنظمات الخيرية، لتوقع معهم اتفاقيات ٍ تلتزم بموجبها بدعمهم بمبالغ كبيرة.

ذهبتُ إلى الحفل ظناً مني أني سأكون ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة ٍ يمثلون جمعياتهم، للتوقيع على اتفاقية الدعم مع الشركة. لكني فوجئت بالعدد الكبير من ممثلي الجمعيات والأعمال الخيرية الحاضرين مثلي لنفس الغرض.

وكنتُ أجمع كلمات الشكر ِ والدعاء والثناء، لأقولها لمسؤولي الشركة فور التوقيع على الاتفاقية والظفر بالدعم السخي، غير أني عجبتُ كثيراً حين بادرنا المهندس صالح النزهة (الرئيس التنفيذي للشركة) في كلمة الترحيب بقول: (شكراً لكم أنتم، وجزاكم الله خيراً، فنحن موظفون نؤدي أعمالنا ونسأل الله الإخلاص فيها والجزاء عليها، أما أنتم فمتطوعون تبذلون وقتكم وجهدكم لخدمة العمل الخيري). حينها عرفتُ أن رجالاً بمثل هذا الفكر والكرم والسماحة، هم من يقفُ وراء الإنجاز العظيم الذي حضر الجميع ُ ليشهدوا شيئاً من آثاره.

من دواعي السرور والفخر لي كمواطن سعودي، أن أرى شركة ً صناعية ً كبرى، نجحت في تقديم صناعات ٍ حديثة ٍ على أعلى درجات الجودة، وحظيت بموقع منافسة ٍ عالمي ٍ متقدم، وفي ذات الوقت أراها تسير على طريق ٍ مواز ٍ بنفس الجودة، وذات المهارة، في تقديم العون والمساعدة للمجتمع، والقيام بأعباء المسؤولية الاجتماعية ِ تجاه الوطن بجميع مكوناته وأطيافه، والعمل الخيري الفاعل في كافة أوجه ومجالات الخير.

إن ما رأيته بعيني، وسمعته بأذني، في حفل شركة التصنيع الوطنية الرائدة، أذهلني ولا أشك أنه أذهل معي كل من حضر. فنحن أمام تجربة ٍ فريدة ٍ جمعت صناعة المادة بإتقان، وصنائع المعروف بإحسان.

ولعلي هنا أشارك معي القارئ الكريم ببعض مشاهدات الحفل، حتى يطلع على سرّ الإعجاب والثناء الذي أزجيه هنا لتلك الشركة.

= في البداية أوضح الرئيس التنفيذي للشركة المهندس صالح النزهة، أن فلسفة شركة التصنيع في توجهها الخيري الشامل بدعم الأعمال والمبادرات الخيرية بسخاء، يأتي بهدف توسيع دائرة المستفيدين من الشركة، ومن ينالهم عطاؤها ونفعها، وألا يقف ذلك على مساهمي الشركة الذين يحصلون على الأرباح السنوية منها، بل يتعداه إلى غير المساهمين من شرائح المواطنين، من خلال توزيع نسبة ٍ ثابتة ٍ سنوياً من الأرباح، للإسهام في معالجة المشاكل الاجتماعية والصحية، ودعم برامج التأهيل والتدريب، وتطوير المهارات، والتثقيف والتوعية.

= لا يتوقف دور شركة التصنيع على مجرد تقديم الدعم المادي للجمعيات والأعمال الخيرية التي تطرق بابها فقط ؛ بل يتعداه إلى تكوين إدارة ٍ متخصصة ٍ داخل الشركة لأعمال المسؤولية الاجتماعية، تسعى بنفسها إلى البحث عن المشاريع والأعمال الخيرية المستحقة للدعم، فيبادرونها هم بعرض الدعم عليها.

= في تجربة ٍ رائدة، وأنموذج ٍ متميز ٍ يُحتذى، تعمل إدارة المسؤولية الاجتماعية في شركة التصنيع، بطريقة بناء شراكات ٍ مع الجمعيات والجهات الخيرية، وتتدخل معهم في تقديم أو تقويم الأفكار التي يحتاجها العمل الخيري، بما يتلاءم مع طبيعة عمل الجمعية، وإمكاناتها، حتى أصبح ما تستفيده الجهات الخيرية من أفكار ومقترحات شركة التصنيع، لا يقل أهمية ً وثمرة ً عن قيمة الدعم المادي.

= رأيت في الحفل عرضاً لتجارب عدد ٍ كبير ٍمن الجمعيات الخيرية، الذين تعلموا من شركة التصنيع كيفية إتقان العمل الخيري، والعمل التطوعي، وكيفية توسيع دائرة الاستفادة منه، من خلال تزويد الجهات الخيرية الأخرى المماثلة، بتجارب تلك الجمعية الخيرية، وإشراكهم في الانتفاع بما نتج عن هذه التجارب من نتائج ناجحة.

= من أكثر ما تمتاز به تجربة شركة التصنيع في دعم المسؤولية الاجتماعية، الحرص على التنويع في البرامج من حيث الحجم، أو النوع. وجعل الأولوية للبرامج ذات الأفكار المبتكرة.

وحقيقة ً فعلى قدر حرصي أن أذكر بعض النماذج للأعمال والمشاريع الخيرية التي دعمتها شركة التصنيع، إلا أني آثرت ترك ذلك ليطلع عليه القارئ في الموقع الالكتروني للشركة، لسبب ٍ واحد ٍ فقط، هو أن المساحة لا تتسع لعرض الكثير، ولأن في ذكر بعضها دون بعض غمطاً لحقها، ولا يمكنني الاختيار بين مشاريع لا أحسن من بعضها إلا البعض الآخر.

وكم أتمنى لو رأينا في الوطن ولو بعض النماذج الأخرى التي تعمل بنفس المستوى، وذات التصور والعمق والشمول. وهي هنا دعوة ٌ لكل البنوك والشركات المساهمة الكبرى، لتبني إدارة ً للمسؤولية الاجتماعية، بمثل أو قريباً من تجربة شركة التصنيع الوطنية.

وفق الله القائمين عليها وجزاهم عن هذا الوطن وأهله خير الجزاء، وبارك في أعمالهم وأعمارهم.

الكاتب: 
د. محمد بن سعود الجذلاني