الوطن ينتصر والولاء يتجذر

وطن الفخر

إن مظاهر الفرح في المملكة لا تقتصر على احتفال الناس في الشوارع، واحتفائهم براية الوطن ونشيده الوطني؛ بل تتجاوز ذلك كثيراً إلى المستوى العالي الذي أظن أن المواطن السعودي اليوم قد وصل إليه من ارتفاع مستوى الوعي والإدراك، وقدرته على صدّ رياح المخاطر وموجات العداء التي تستهدف وطنه من الخارج أو الداخل...

في يوم الوطن المجيد، وفي بداية عام هجري جديد، يزهو المحبُّ لوطنه وهو يلتفت يمنة ويسرة فلا تقع عينه إلا على موضع فرح وموقف انتصار، يعلو فيه الوطن، ويتجذر في قلوب مواطنيه الولاء والحبّ، وترتفع وتيرة الوعي وإدراك المخاطر المحدقة بهم.

يأتي اليوم الوطني الذي يصادف اليوم متزامناً مع أحداث غير مسبوقة، ومصحوباً بظروف استثنائية، يواجه الوطن فيها فلول المغرضين، ويتتبع أعقاب الأعداء المتربصين، مستمسكاً بكلمة الله العليا، ومعتمداً على سلامة العقيدة، ومتوكلاً على الله عز وجل الذي كان له الفضل وحده في قيام هذا الكيان الشامخ، وعزته ورخائه.

ولئن كانت المملكة -كما هي سنّة الله في الدول والأيام- منذ نشأتها واجهت العديد من الأخطار، وخاضت الحروب، ومرت بها الصعوبات والمحن؛ إلا أن صعوبات اليوم ليست كصعوبات الأمس، ومخاطر اليوم مصدرها الصديق الذي كان موضع الثقة، وليس العدو الذي لا خفاء في عداوته.

إن مظاهر الفرح في المملكة لا تقتصر على احتفال الناس في الشوارع، واحتفائهم براية الوطن ونشيده الوطني؛ بل تتجاوز ذلك كثيراً إلى المستوى العالي الذي أظن أن المواطن السعودي اليوم قد وصل إليه من ارتفاع مستوى الوعي والإدراك، وقدرته على صدّ رياح المخاطر وموجات العداء التي تستهدف وطنه من الخارج أو الداخل، فصار الناس يمارسون أدواراً في الدفاع عن وطنهم أمام كل عدو خارجي أو خائن داخلي، ويشكّلون حائط صدّ أذهل العالم في وجه كل تهديد يقترب من وطنهم أو يمسّ عقيدته أو وحدته أو قيادته.

تكسّرت على صخرة وعي المواطن دعوات الأعداء الحمقى إلى المظاهرات والمسيرات، وانهزمت أمام إدراكه لقيمة الأمن ومكتسبات ومنجزات الوطن كل محاولات إثارة الفتنة، أو تشويش سكينة المجتمع ووحدته من خلال إثارة العنصريات والطائفية، حتى صارت ردود أفعال المواطنين تجاه هذه الأفعال المواطن هي التي تحثّ الجهات الحكومية المعنية للتحرك، وتسبق ردود الأفعال الرسمية.

إن الدولة السامقة الشامخة ليست فقط فوق تراب الأرض؛ بل إن أركانها ثابتة، ودعائمها وطيدة، في قلوب المواطنين، الذين يدعمون جهود دولتهم، ويعلقون الآمال في وعود قيادتهم، ويمنحون الثقة لكل من ولاه الله أمرهم.

وعلى صعيد آخر مختلف، وفي ظل ما تبذله الدولة من جهود، وما تخطوه من خطوات نحو التحديث والتطوير ومواكبة العصر، ونبذ كل فكر متخلف أو توجه متطرف، في الدين أو السلوك أو الثقافة، يبدي المواطنون ترحيباً واضحاً، ورغبة عارمة، في تحقيق أهداف هذه الجهود الطموحة، بل وبدأ وعي المواطنين تجاه الكثير من القضايا الفكرية والثقافية والسلوكية يدعم ويساند جهود الدولة في تحقيق هذه الغاية أيضاً، لأنه لا يخفى مدى اعتماد بعض الأطروحات المتشددة، والتوجهات المتطرفة على القاعدة الجماهيرية، والقبول الشعبي، وتصديق الناس وقناعتهم بمثل هذا الطرح الذي ليس من الإسلام في شيء، وتأباه أصول الشريعة ونصوصها الصحيحة.

حفظ الله مملكتنا الغالية مؤمنة آمنة، مسلمة سالمة، عزيزة شامخة.

الكاتب: 
د. محمد بن سعود الجذلاني