وأنا في غاية السعادة سيدي
في يوم من أيام العمر المعدودة، شرفت بلقاء خاص مع سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف – حفظه الله ووفقه – ولم تقف فرحتي عند حدود اللقاء بسموه، بل تجاوزت إلى ما غمرني به – حفظه الله – من الود والترحيب والحفاوة التي ابتدأها سموه بكل عفوية وتواضع قائلاً : أنا سعيد جداً بلقائك اليوم. ثم أردف سموه الكريم يقول : "وأنا متابع لكتاباتك ومشاركاتك في الإعلام ".
حفظك الله سيدي ماذا عساي أقول ؟ وبأي عبارات أستطيع وصف سعادتي الممزوجة بالفخر والاعتزاز؟ ورغم أنه لم يكن اللقاء الأول الذي أشرف فيه بمقابلة سموه الكريم ؛ إلا أن هذا اللقاء كان ذا أثر مختلف كثيراً في نفسي لما يسر الله لي فيه من الظفر بوقت أطول مع سموه، وخصوصية أكثر في اجتماع كنت فيه ثالث ثلاثة، وما تفضل به سموه الكريم علي من التنويه بمقالاتي ومشاركاتي الإعلامية. ولا يحق لي أبداً النظر إلى هذا التشريف من سموه والتأكيد على متابعته الكريمة لمشاركاتي الاعلامية أن ذلك تكريم لي أنا على وجه الخصوص، أو أن هناك أسباباً شخصية تدعو سموه لمتابعتي ؛ إنما الحقيقة هي أن هذا الاحتفاء والعناية والمتابعة، ليست إلا نهجاً كريماً، وأسلوباً حكيماً، وعادة درج عليها ولاة أمرنا من قبلُ ومن بعد، وأنهم يولون رعاية خاصة لمثقفي وإعلاميي الوطن، ولا يظنون فيهم إلا الصدق في النصيحة، والبُعد الوطني في النقد، والمسؤولية في الكلمة. وليس يخفى على أحد ما اتصف به خادم الحرمين الشريفين – أيده الله وحفظه – من علاقة ودّ خاصة، واهتمام غير مسبوق، بالإعلام والثقافة ورجالهما. ومتابعته المستمرة منذ القديم لكل ما ينشر في وسائل الاعلام المحلية – على وجه الخصوص - ليس فقط عن شؤون الحكم والإدارة ؛ بل حتى ما يطرح من قضايا الفكر والأدب والتاريخ . وليس بعيداً عنا ذلك اللقاء الحميم، مع المقام السامي الكريم، الذي جمع بين رجال الثقافة والإعلام في مجلس خادم الحرمين الشريفين بحضور سمو ولي العهد "حفظهما الله ورعاهما" مطلع هذا العام، والذي قال فيه خادم الحرمين الشريفين كلمته المعروفة : " وأحب أن أقول لكم يا إخوان نتحمل مسؤولية الآن وولي العهد معي وأبناؤنا نتحمل مسؤولية، أن رحم الله من أهدى إلي عيوبي".
إن هذا الاحتفاء والاهتمام الكريم، والمتابعة المستمرة، من لدن خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي العهد "حفظهما الله" لما نكتبه نحن الكتّاب، ونطرحه نحن الإعلاميين، بقدر ما يشعرنا بالفخر والاعتزاز، إلا أنه يجب أن ينمي لدينا شعور المسؤولية بحقوق الوطن علينا، ويعمق عندنا حس الانتماء والشعور بهموم الوطن والمواطن، ويحفزنا لمزيد من المصداقية والتجرد، والابتعاد عن الدوافع الشخصية، والنظرة الضيقة، وأن نضع نصب أعيننا، مصلحة الوطن العليا، بنفس اهتمامنا بالنقد الموضوعي الهادف البنّاء، الذي يجب أن يكون من أولى أولوياته، ألا يسيء لصورة الوطن، وألا يخدش حب الوطن في قلوب أبنائه.
إن من حق وطننا علينا – نحن الكتّاب والمثقفين والإعلاميين - ونحن نحظى بمتابعة واهتمام قيادته، ألا نختط لأنفسنا، ولا لأقلامنا، ولا لطروحاتنا الفكرية والنقدية والإعلامية خطاً موازياً أو متقاطعاً مع نفس الخط الذي التزمه ولاة أمرنا سائرين فيه على الثوابت والقيم والأسس التي كانت – بفضل الله – صمام الأمان لحفظ استقرار الوطن وأمنه وائتلاف مكوناته، بل نلتزم السير معهم في نفس الطريق، وعيوننا ومشاعرنا وولاؤنا ونصحنا من حولهم وقريباً منهم .
إنه عارٌ على من أمسك قلمه، أو ارتفع صوته، عبر أي وسيلة إعلامية، ليشق طريقاً مغايراً للطريق الذي يسير عليه ولاة أمره والمخلصون من أبناء وطنه، فيتبعه في ذلك الطريق بعض الرعاع والمتربصين وذوي النفوس المريضة، فيكونوا بمثابة مسجد الضرار الذي نهى الله رسوله أن يصلي فيه، لأنه إنما أسس ليكون شقاً في عصا الطاعة، وتفريقاً للجماعة، ومحادّة لله ولرسوله وللمؤمنين .
سيدي ولي العهد : كانت عبارات سموك الكريم، وما بين حروفها، عبقاً جميلاً، وددتُ أنا التشرف بحملها رسالة سامية عن سموكم إلى زملائي من منسوبي الإعلام وأرباب الأقلام : أننا معكم وأنكم معنا، وأن وطننا بأمس الحاجة إلينا جميعاً، اليوم أكثر من أي وقت مضى .
وأن أول واجب على الكاتب والصحفي والمثقف أن يكون (جامعاً للشمل، موحداً للصف، جندياً للوطن في كل ميدان) وأنه متى ما التزمنا الواجب، وأدركنا أبعاد المسؤولية، وفهمنا الرسالة جيداً، فإن ما نقدمه من نقد موضوعي بنّاء، سيكون محل التقدير والقبول، وأن ما نطرحه من أفكار وآراء، مما يتوافق مع ثوابت الوطن الشرعية والسياسية والأمنية، إن كل ذلك ليس محظوراً في بلد يمنح الحرية، ويحرس المشروعية، ويحترم الفكر والرأي والقلم.
فهنيئاً للإعلاميين والمثقفين والمفكرين بولاة أمرهم، وهنيئاً لولاة الأمر برجال إعلامهم وثقافتهم.
حفظ الله وطننا شامخاً عزيزاً، والحمد لله أولاً وآخرا.