سياسة الأمن السعودي وتوالي الإشادات الدولية
لم تكن ميدالية "جورج تينت" التي تقدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية للعمل الاستخباراتي المميز في مجال مكافحة الإرهاب، والتي تسلمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف ولي العهد وزير الداخلية -حفظه الله ووفقه- مؤخراً، إلا واحدة من مئات الإشادات والاعترافات الدولية التي نالتها المملكة -بفضل الله- نظير جهودها المشهودة الفريدة في مكافحة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، مما لم تقف حدود فوائده على المستوى المحلي الداخلي؛ إنما أفادت منه دول العالم جميعها، سواءً من خلال المعلومات الاستخبارية الدقيقة والشاملة التي تم تبادلها مع دول العالم المستهدفة من منظمات الإرهاب، أو من خلال الإفادة من التجربة السعودية في التعامل مع الإرهاب (فكراً) و(ممارسة).
ويمكن إرجاع هذا النجاح المشهود، والتفوق الواضح لأجهزة الأمن السعودية إلى كون المملكة من أولى الدول التي طالتها يد الإرهاب منذ وقت مبكر، ولما امتّن الله به علينا في المملكة من تحكيم الشريعة الإسلامية، مما جعل رجل الأمن الأول الفارس الحازم الحكيم نايف بن عبدالعزيز "رحمه الله " يشد عضده الابن البار سمو الأمير محمد بن نايف "حفظه الله" ينجحان في صياغة منظومة شاملة واعية حكيمة، في غاية الدقة والحزم، لمواجهة فكر وإجرام الإرهاب الذي لولا توفيق الله عز وجل لهذه الجهود، لكان قد ألحق بنا في المملكة من الخسائر والأضرار الجسيمة التي لا يعلم إلا الله حدودها.
وهذه الثقة التي حظيت بها أجهزة الأمن السعودية لم تقتصر فقط على ثقة دول العالم الخارجي فقط، بل سبق ذلك ثقة تامة منحها المواطنون والمقيمون داخل المملكة لأجهزة الأمن ورجاله، مصحوبة بالدعوات المتواصلة الصادقة لرجال الأمن، أن يكلل الله جهودهم بالنجاح، وأن يحفظهم من كل كيد، ويسدد رأيهم ورميهم.
وهذه المواجهة الحازمة التي لا هوادة فيها لكل أعمال وأفكار التطرف والإرهاب، لا تنطلق من منطلقات أمنية سياسية فقط؛ إنما تقوم على أساس متين من عقيدة الإسلام وشريعته التي تقوم عليها المملكة، والتي تقوم على نبذ الغلو والتطرف، وتدعو للسلام والرحمة، وتؤسس مبادئ العدل وتعظّم شأنه في النفوس.
فالإسلام -كما لا يخفى- هو الدين الذي يدعو جنوده الفاتحين أن يكفوا أيديهم عمن كفّ يده عن قتالهم، ويحرّم عليهم الاعتداء على رجال الأديان الأخرى ودور عبادتهم، ويجرّم ويحرّم الاعتداء على النساء والأطفال، ويجعل من أعظم الكبائر الغدر والعدوان حتى في حال الحرب.
وإذا كانت هذه هي أسس الإسلام ومبادئه، فإنه لا يمكن لعاقل أن يتصور أن حوادث الإرهاب القذرة التي لم تتورع عن قتل المصلين في المساجد، بل وصل عدوانها وإجرامها إلى حرم مسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في أشد الأوقات والبقاع حرمة، لا يمكن أن يتصور عاقل أبداً أن هذا من الإسلام في شيء.
والمملكة اليوم بعد أن اصطلت بنار الإرهاب الداخلي طويلاً، ها هي تعيش محاطة بأكثر الأخطار والتحديات التي واجهتها منذ قيامها، من خلال منطقة تعجّ بالحروب والصراعات، ويتربص بالمملكة فيها الأعداء من كل جانب، ممن يتحينون الفرصة لأدنى ثغرة يهجمون فيها على المملكة لتقويض أمنها واستقرارها -أسأل الله عز وجل أن يمنعنا بعزته وقوته وأن يحفظنا بحفظه آمين- وكل ذلك يزيد إصرار المملكة على التمسك بثوابتها الدينية والأمنية.
إن سياسة الأمن في المملكة تقوم على أركان وثوابت لا تخطؤها العين، هي أساس نجاحها وفاعليتها، والسبب الرئيس وراء اعتراف العالم بنجاعتها، وإيمان المواطنين بصوابها، وهذه الأسس هي (الالتزام بأحكام الشريعة - والحرص على إنقاذ المغرر بهم من براثن هذا الفكر الضال واستعادتهم إلى الحياة الطبيعية - واحترام حقوق الإنسان ومبادئ القانون التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية).
وفي ظل الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين -أيده الله- تزداد الثقة برجال أمننا، وتتوالى النجاحات التي يقدمون دماءهم وأرواحهم ثمناً لها، ويقف وراء هذا المنجز العظيم قادة لا يخفى علينا جهودهم، على رأسهم سمو ولي العهد وزير الداخلية، ويشد عضده -كما كان هو يشد عضد أبيه بالأمس- ابن أخيه البار صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف، الذي تربى في كنف نايف بن عبدالعزيز، وتخرج في مدرسته الإنسانية القيادية العظيمة.
أسأل الله أن يحفظهم جميعاً ويوفقهم لحفظ هذا الكيان، ورعاية الأرض والعرض والإنسان آمين.